St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

552- كيف تُظهر تسبحة العذراء (لو 1: 46-55) درايتها بالأسفار المقدَّسة؟ وهل قول العذراء "جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو 1: 48) ينم عن كبريائها؟ وكيف تقول العذراء أن اللَّه عضد إسرائيل (لو 1: 54) مع أن بني إسرائيل رفضوه؟

 

س552: كيف تُظهر تسبحة العذراء (لو 1: 46-55) درايتها بالأسفار المقدَّسة؟ وهل قول العذراء "جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو 1: 48) ينم عن كبريائها؟ وكيف تقول العذراء أن اللَّه عضد إسرائيل (لو 1: 54) مع أن بني إسرائيل رفضوه؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- كيف تُظهر تسبحة العذراء (لو 1: 46 – 55) درايتها بالأسفار المقدَّسة..؟ تُعد تسبحة العذراء مريم تاج تسبيحات العهد القديم، ورأس ابتهالات العهد الجديد، حملت كلماتها البسيطة أسرارًا عالية وحكمًا سمائية، وعكست مدى إدراكها لتاريخ معاملات اللَّه مع البشرية خلال الأسفار المقدَّسة، فحملت هذه التسبحة روح الناموس والأنبياء والمزامير، عبر كلمات التسبحة جسَّدت مريم العذراء ماضي البشرية الكئيب مع مستقبلها المُشرق، كما جسَّدت بإيمانها الباب الذي دخل منه اللَّه إلى عالمنا المُظلم فأناره. وفي تسبحة العذراء مريم نجد صدى تسبحة القديسة حنة أم العظيم في الأنبياء صموئيل النبي بعد أن أنجبت صموئيل بعد العُقم، وأيضًا صدى المزامير يتخلل هذه التسبحة، فمثلًا:

St-Takla.org Image: Icon of Saint Mary Theotocos - from the cave of Saint Mary Gabal El-Teir Monastery, Assiout, Egypt, 24 January 1989 - Photograph by Mr. Ezzat Mina - used with permission for St-Takla.org. صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة السيدة مريم العذراء والدة الإله، من مغارة السيدة العذراء - دير العذراء مريم، دير العذراء، درنكة، أسيوط، مصر - تصوير أ. عزت مينا، 24 يناير 1989 - موضوع بإذن لموقع الأنبا تكلا.

St-Takla.org Image: Icon of Saint Mary Theotocos - from the cave of Saint Mary Gabal El-Teir Monastery, Assiout, Egypt, 24 January 1989 - Photograph by Mr. Ezzat Mina - used with permission for St-Takla.org.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة السيدة مريم العذراء والدة الإله، من مغارة السيدة العذراء - دير العذراء مريم، دير العذراء، درنكة، أسيوط، مصر - تصوير أ. عزت مينا، 24 يناير 1989 - موضوع بإذن لموقع الأنبا تكلا.

أ- قول العذراء: "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ" (لو 1: 46) مقتبس من صلاة حنة: "فَرِحَ قَلْبِي بِالرَّبِّ. ارْتَفَعَ قَرْنِي بِالرَّبِّ. لأَنِّي قَدِ ابْتَهَجْتُ بِخَلاَصِكَ" (1 صم 2: 1) ومزمور داود: "بِالرَّبِّ تَفْتَخِرُ نَفْسِي... عَظِّمُوا الرَّبَّ مَعِي" (مز 34: 2، 3).. " أَمَّا نَفْسِي فَتَفْرَحُ بِالرَّبِّ وَتَبْتَهِجُ بِخَلاَصِه" (مز 35: 9).

ب- قول العذراء: "وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللَّهِ مُخَلِّصِي" (لو 1: 47) به إشارة واضحة لفساد الطبيعة البشرية وتأثير خطية آدم، فيقول "القمص تادرس يعقوب": "أما قول العذراء "وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللَّهِ مُخَلِّصِي" فيحمل مفهومًا لاهوتيًا هامًا أن القديسة مريم مع سموَّها العظيم تحتاج إلى "الخلاص" كسائر البشر، وتبتهج به، إذ وُلِدت تحمل الخطية الأصلية (الجدية) التي ورثناها عن أبوينا الأولين" (86).

جـ- قول العذراء: "لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ" (لو 1: 48) مقتبس من صلاة حنة: "يَا رَبَّ الْجُنُودِ إِنْ نَظَرْتَ نَظَرًا إِلَى مَذَلَّةِ أَمَتِكَ وَذَكَرْتَنِي وَلَمْ تَنْسَ أَمَتَكَ بَلْ أَعْطَيْتَ أَمَتَكَ زَرْعَ بَشَرٍ.." (1 صم 1: 11)، ومزمور داود: "لأَنَّ الرَّبَّ عَال وَيَرَى الْمُتَوَاضِعَ أَمَّا الْمُتَكَبِّرُ فَيَعْرِفُهُ مِنْ بَعِيدٍ" (مز 138: 6).

د– قول العذراء: "فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو 1: 48) مقتبس من: "وَيُطَوِّبُكُمْ كُلُّ الأُمَمِ لأَنَّكُمْ تَكُونُونَ أَرْضَ مَسَرَّةٍ قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ" (ملا 3: 12).

هـ- قول العذراء: "لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ" (لو 1: 49) مقتبس من (مز 71: 19، 126: 2).

و– قول العذراء: "وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ" (لو 1: 49) مقتبس من (مز 111: 9).

ز– قول العذراء: "وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ" (لو 1: 50) مقتبس من (تك 17: 7، خر 20: 6، مز 103: 7).

ح– قول العذراء: "صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ" (لو 1: 51) مقتبس من (مز 91: 1، 118: 15، إش 40: 10).

ط– قول العذراء: "شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِم" (لو 1: 51) مقتبس من (مز 33: 10).

ى– قول العذراء: "أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ" (لو 1: 52) مقتبس من (1 صم 2: 6، أي 5: 11، مز 113: 6).

ك– قول العذراء: "أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ" (لو 1: 53) مقتبس من (1 صم 2: 5).

ل– قول العذراء: "عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمة" (لو 1: 54) مقتبس من (مز 98: 3، إر 31: 3).

م– قول العذراء: "كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ" (لو 1: 55) مقتبس من (تك 17: 19).

ومن الملاحظ على هذه التسبحة الرائعة تواضع العذراء مريم، وتركيزها على عمل اللَّه مع البشرية، وبالأخص مع الفئات المهمشة مثل الضعفاء العاجزين والمتضعين والجياع، وأيضًا تلاحظ فيها مدى تأثر العذراء مريم ببشارة وحديث الملاك معها، فمثلًا:

أ– قول الملاك: "سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا. اَلرَّبُّ مَعَكِ" (لو 1: 28) تجد صداه في قول العذراء: "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللَّه مُخَلِّصِي" (لو 1: 46، 47).

ب- قول الملاك: "مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ" (لو 1: 28) تجد صداه في قول العذراء: "فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو 1: 48).

جـ- قول الملاك: "وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ. وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ" (لو 1: 32، 33) تجد صداه في قول العذراء: "عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً. كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَد" (لو 1: 54، 55).

د– قول الملاك: "اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ" (لو 1: 35) تجد صداه في قول العذراء: "لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ" (لو 1: 49).

ويقول "الدكتور القس إبراهيم سعيد": "إن هذه التسبحة في سموها ومجدها وتدرجها، أشبه شيء بتغريد طائر في الفضاء. ففي الدور الأول منها، نجد مريم في هدوئها العميق تُعتبر عن تأثراتها الخاصة. وفي الدور الثاني، تزداد رفعة وسموًّا وهيَ تتأمل أعمال القدير معها. وفي الدور الثالث، تبلغ قمة مجد تسبحتها، فتنسى نفسها وتذكر الأجيال... التي تمتعت بهذا الخير العميم. لكنها في الدور الرابع تهبط من علوها كطائر يقرب من وكره، وتختم أنشودتها الحلوة الجميلة الشيقة بالارتياح والاطمئنان إلى أن اللَّه سيتمم مواعيده الصادقة الأمينة. هذه التسبحة ذخر للكنيسة وكنزها على مرّ الأجيال. وهيَ إن كانت في بعض عباراتها شبيهة على نوع ما بتسبحة حنة... حنة في أنشودتها تتفاخر، وتنقم على الأعداء. لكن مريم تتواضع وتذكر بركة الأجيال. الأولى قريبة من جبل سيناء فالتهبت بناره المحرقة. والثانية قريبة من الصليب فاستضاءت بأنواره المشرقة.."(87).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

 

2- هل قول العذراء: "جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو 1: 48) ينم عن كبريائها..؟ عندما التقت العذراء مريم بأليصابات، التي باركتها قائلة " مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ" (لو 1: 42) ودعتها أم ربها (لو 1: 43) وطوبتها: "فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ.." (لو 1: 45)، فأرادت العذراء مريم أن تُرجِع العظمة للَّه الذي وهبها العطايا، فنطقت بتسبحتها الخالدة التي أشارت فيها إلى عمل اللَّه وخلاصه، وقالت: "فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو 1: 48) ثم ذكرت سبب تطويب الأجيال لها، قائلة: "لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ. وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ" (لو 1: 49، 50) وهيَ لم تنطق بهذه العبارات قبل البشارة بل بعد بشارة الملاك لها. وجاء في "التفسير التطبيقي": "هل كانت مريم العذراء متكبرة حين قالت: "فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي"؟ لا، بل كانت تعرف عطية اللَّه لها وتقبلها. فإن أنكرت مريم وضعها المتميز، فكأنما تُلقي ببركة اللَّه إليه ثانية. أن الكبرياء هيَ رفض قبول عطايا اللَّه، أما الاتضاع فهو قبولها واستخدامها في تمجيده وخدمته" (88). كما أن العبارة تحمل روح النبوءة، ففي حياتها وبعيدًا عنها: "رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا" (لو 11: 27).

 

3- كيف تقول العذراء أن الله عضد إسرائيل (لو 1: 54) مع أن بني إسرائيل رفضوه..؟ قالت العذراء في تسبحتها: "عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمة" (لو 1: 54)، والحقيقة أن اسم إسرائيل ممتد، ينطبق على شعب اللَّه قديمًا وشعب اللَّه جديدًا، ولا ننسى أن العذراء مريم، والتلاميذ الأطهار الاثني عشر من بني إسرائيل، وأن كثيرين من بني إسرائيل آمنوا بالسيد المسيح وصاروا مسيحيين، فالثلاثة آلاف الذي كانوا بذرة الكنيسة الأولى كأن جميعهم من اليهود، ونمت وترعرعت الكنيسة الأولى في أورشليم في أرض يهودية ووسط شعب بني إسرائيل، ومنها امتدت الكرازة إلى جميع أنحاء العالم.

ويقول "القديس كيرلس الكبير": "عَضَدَ إِسْرَائِيلَ " ليس إسرائيل حسب الجسد الذي يفخر بمجد الاسم، ولكن ذلك الذي هو بالروح وبحسب المعنى الحقيقي للاسم. ذلك الذي ينظر إلى اللَّه، ويؤمن به، وينال تبني البنين بواسطة الابن بحسب الكلمة التي أُعطيت، والوعد المُعطى للأنبياء والبطاركة (رؤساء الآباء) القدماء. ولكن كلمة إسرائيل لها انطباق حقيقي أيضًا على إسرائيل الجسدي، فإن آلاف وربوات من بينهم قد آمنوا"(89).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(86) الإنجيل بحسب لوقا، ص42، 43.

(87) شرح بشارة لوقا، ص28.

(88) التفسير التطبيقي، ص 2064.

(89) ترجمة د. نصحي عبد الشهيد - تفسير إنجيل لوقا، ص27، 28.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/552.html

تقصير الرابط:
tak.la/nv86cpb