St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism  >   new-testament
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

600- لماذا قال السيد المسيح: "شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ" (لو 13: 6). ألم يكن الأجدى أن يقول كرمة (شجرة عنب) مغروسة؟ ولماذا غضب السيد المسيح من رئيس المجمع الذي حاول الحفاظ على هدوء ونظام المجمع (لو 13: 10-16)؟ وما هيَ علاقة الخمير بملكوت السموات (لو 13: 20، 21)؟ وكيف يُشبه السيد المسيح ملكوت السموات بالخمير، التي ترمز للشر (لا 2: 11)؟

 

س600: لماذا قال السيد المسيح: "شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ" (لو 13: 6). ألم يكن الأجدى أن يقول كرمة (شجرة عنب) مغروسة؟ ولماذا غضب السيد المسيح من رئيس المجمع الذي حاول الحفاظ على هدوء ونظام المجمع (لو 13: 10-16)؟ وما هيَ علاقة الخمير بملكوت السموات (لو 13: 20، 21)؟ وكيف يُشبه السيد المسيح ملكوت السموات بالخمير، التي ترمز للشر (لا 2: 11)؟

 

ج: 1- لماذا قال السيد المسيح: "شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ" (لو 13: 6). ألم يكن الأجدى أن يقول كرمة (شجرة عنب) مغروسة..؟ لقد قصد السيد المسيح " شَجَرَةُ تِينٍ".. لماذا؟:

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أ– لأن شجرة التين تذكرنا بالمعصية الأولى، فعندما سقط آدم رأس جنسنا وأحس بالعري فأخذ مع حواء من أوراق شجرة التين ليسترا عريهما " فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ" (تك 3: 7).

ب– لأن شجرة التين ترمز للأمة اليهودية التي لم تُعطي ثمرًا فتعرضت للعنة (مر 11: 12-14، 20، 21)، كما أنها متى صار غصنها رخصًا وأخرجت أوراقها وفي هذا إشارة لعودة الشعب اليهودي للَّه، فيكون وقت نهاية الأيام قد اقترب على الأبواب (مت 24: 32).

جـ- شجرة التين ترمز لكل نفس تتغافل زمن توبتها ولا تُعطي ثمرة تسر قلب اللَّه.

St-Takla.org Image: Parable of the Fig Tree: The owner of the vineyard wants to cut down the fig tree that bears no fruit, but the servant urges him to wait one more year: (Luke 13) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل التينة (شجرة التين): أراد صاحب الكرم أن يقطع التينة التي لا تحمل ثمرا، فألح عليه الخادم أن ينتظر سنة أخرى: (لوقا 13) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

St-Takla.org Image: Parable of the Fig Tree: The owner of the vineyard wants to cut down the fig tree that bears no fruit, but the servant urges him to wait one more year: (Luke 13) - from the book: History of Jesus Christ (Historia von Iesu Christi), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل التينة (شجرة التين): أراد صاحب الكرم أن يقطع التينة التي لا تحمل ثمرا، فألح عليه الخادم أن ينتظر سنة أخرى: (لوقا 13) - من كتاب: تاريخ السيد المسيح، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

ولهذا استخدم السيد المسيح في هذا المَثَل "شجرة التين". أما لماذا لم يستخدم الكرمة (شجرة العنب)، فذلك لأن الكرمة تشير للكنيسة الثابتة في المسيح: "أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ" (يو 15: 5).

2- لماذا غضب السيد المسيح من رئيس المجمع الذي حاول الحفاظ على هدوء ونظام المجمع (لو 13: 10 – 16)..؟ دخل السيد المسيح كعادته إلى المجمع في أحد السبوت، وكان في المجمع امرأة بها روح ضعف أي أن الشيطان سيطر عليها لمدة ثمانية عشر عامًا فأحناها وجعل حركتها ضعيفة ومُجهدة، بينما هيَ لا تُعاني من أي مرض عضوي، ومع هذا فإن هذه المرأة لم تكف عن عبادتها في المجمع طوال هذه السنين، وعندما دخل يسوع العالِم بكل شيء إلى المجمع لم تلجأ إليه ليشفيها، إنما السيد المسيح هو نفسه الذي تقدم إليها ووضع يده عليها فاستقامت على الفور، وانحلت عنها جميع التأثيرات الشيطانية، فسرَّت ومجدت اللَّه، وكل هذا تم في لحظات في هدوء بدون أية ضجة أو شوشرة. الأمر المُدهش أن رئيس المجمع عوضًا عن أن يفرح ويسر بمجد اللَّه بشفاء هذه السيدة حزن واغتاظ، وإذ لم يكن لديه الجراءة يوجه حديثه إلى يسوع تحدث إلى المختصين للعبادة قائلًا: "هِيَ سِتَّةُ أَيَّامٍ يَنْبَغِي فِيهَا الْعَمَلُ فَفِي هذِهِ ائْتُوا وَاسْتَشْفُوا وَلَيْسَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ" (لو 13: 14)، وكأنه يظهر غيرة على حفظ قدسية يوم السبت، بينما كلامه جاء مُخالفًا للمنطق، لأن الوصية نهت عن العمل اليدوي يوم السبت، لكنها لم تمنع قط من الاستشفاء يوم السبت. لقد أخفى هذا الرجل حسده في ثوب الغيرة على وصايا الرب، ونظر هذا الرجل أيضًا لمعجزات السيد المسيح على أنها أعمال عادية، مثلها مثل الفلاحة والتجارة والحدادة والبناء، فلا ينبغي أن تجرى في يوم سبت، وتغافل تمامًا أن تلك المعجزات هيَ أعمال إلهيَّة من أعمال الرحمة. لقد تصلَّف هذا الرجل وتكبر وكأنه يُريد أن يضع ناموسًا للَّه يسير بموجبه، ولهذا قال له السيد المسيح: "يَا مُرَائِي أَلاَ يَحُلُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ثَوْرَهُ أَوْ حِمَارَهُ مِنَ الْمِذْوَدِ وَيَمْضِي بِهِ وَيَسْقِيهِ. وَهذِهِ وَهِيَ ابْنَةُ إِبْراهِيمَ قَدْ رَبَطَهَا الشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُحَلَّ مِنْ هذَا الرِّبَاطِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ" (لو 13: 15، 16).

وقد ناقش هذا الأمر "القديس كيرلس الكبير" باستفاضة وأوضح الحجج التي تدين هذا الرجل وتفضح نواياه الشريرة، حيث يقول عن رئيس المجمع: "ولكن ألم يكن من الواجب عليه بالحري أن يندهش لكون المسيح حرّر ابنة إبراهيم هذه من قيودها. أنك رأيتها تتحرَّر من بليتها على غير ما كان متوقعًا، وكنت شاهد عيان بأن الطبيب لم يتوسل، ولا نال -كمنحة من آخر- شفاء المرأة المريضة، بل أنه فعل هذا بفعل قدرته. وبحكم كونك رئيسًا للمجمع افترض أنك تعرف كتب موسى... فعندما أُصيبت مريم بالبرص... لم يستطع موسى أن يقهر المرض بل على العكس سقط أمام اللَّه قائلًا: "اللّهُمَّ اشْفِهَا" (عد 12: 13) ولكن رغم تضرعه هذا، لم ترفع عنها عقوبة خطيتها... أتوسل إليك أن تلاحظ هنا أن المسيح مُخلص الكل لم يقدم أية صلاة بل تمم الأمر بقوته الذاتية وشفاها بكلمة وبلمسة يده... لذلك لو كان رئيس المجمع رجلًا ذا فهم وكان أدرك من هو المُخلص وكم كان عظيمًا بسبب هذه المعجزة العجيبة جدًا، ولما كان قد تكلم بنفس الطريقة الجاهلة كالجموع... فهل تنكسر الشريعة عندما يُظهِر اللَّه رحمة حتى في يوم السبت؟ من هو الذي أمر اللَّه أن يكف عن العمل (يوم السبت)..؟ لو كان قد أمر ذاته، لجعل عنايته الإلهيَّة بنا تتوقف يوم السبت. إذًا لتسترح الشمس من مسارها اليومي، ويتوقف المطر عن الهطول. لتتوقف ينابيع المياه وكذلك الأنهار الدائمة الجريان، وكذلك تتوقف الريح...

لكن عندما رأى رئيس المجمع غير الشكور المرأة المنحنية والتي كانت أطرافها كسيحة، وقد نالت رحمة من المسيح فانتصبت في استقامتها، بمجرد لمسة من يده وأنها تسير بخطوات منتظمة تليق بإنسان. وتعظم اللَّه لأجل شفائها، اغتاظ جدًا واشتعل بغضب ضد مجد الرب... تورط في الحسد وافترى على المعجزة، ولكنه تحاشى الحديث مع الرب - لأنه كان سيفضح رياءه، ووبخ الجمع لكي يبدو إغتياظه كان لأجل حفظ يوم السبت...

ولكن أخبرني -يا من أنت عبد للحسد- أي نوع من الأعمال يمنعه الناموس عندما يوصيك بأن تكف عن كل عمل يدوي في يوم السبت؟ هل يمنع من عمل الفم والتكلم؟ إذًا فامتنع عن الأكل والشرب والتحادث وترتيل المزامير في يوم السبت... أن المسيح قال: "إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضَعْفِكِ.." حسنًا! ألا تحل أنت منطقتك في يوم السبت. ألا تخلع حذائك وترتيب فراشك وتغسل يديك عندما تتسخ بالأكل؟ فلماذا أنت غاضب هكذا من مجرد كلمة "إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ"؟ وما العمل الذي عملته المرأة بعد قول هذه الكلمة؟ هل شرعت في عمل النحَّاس أو النجار أو البناء؟ هل ابتدأت في هذا اليوم ذاته في النسج أو العمل على النول؟ سيجيب لا، أنها صارت منتصبة، كأن مجرد الشفاء هو نوع من العمل. لكن لا، فأنت لست غاضبًا بالحق لأجل السبت، بل أنه يوجد شيء مخفي في قلبك وأنت تنطق وتتعلَّل بشيء غيره، ولهذا السبب فإنك إذ رأيت المسيح يُكرَّم ويعتد كإله، اغتظت واهتجت وأكلك الحسد، فأنت مُدان تمامًا من قِبَل الرب الذي يعرف حججك الباطلة. وتنال اللقب الذي يليق بك إذ دعاك "مرائي"، وغير مُخلص" (307).

ويقول "متى هنري" موجهًا حديثه لرئيس المجمع: "هل يجب أن تظهر الرحمة بالثور والحمار في يوم السبت، ولا تحرّر هذه المرأة من نكبة أشد وأوقع؟ أنها "ابْنَةُ إِبْراهِيمَ" وهيَ تُعد أختك، فهل تنكر عليها عمل خير لم تضن به على ثور أو حمار (ع 16)؟! وهيَ "ابْنَةُ إِبْراهِيمَ" فمن ثمَّ هيَ مؤهلّة لبركات المسيح. أنها واحدة ممن ربطهن الشيطان، وعلى هذا لم يكن ما عُمِل لها مجرد عمل خير، بل هو عمل تقوى للَّه، لكسر شوكة الشيطان. لقد ظلت على هذه الحالة المحزنة لمدة "ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً" وما دامت حتى حانت الفرصة لشفائها الآن فلا يجب تأخيرها ولو ليوم واحد. وأي واحد منكم لا بد وأن يعترف بأن معاناة دامت ثماني عشرة سنة تُعد مدة طويلة بما فيه الكفاية" (308).

← انظر باقي سلسلة كتب النقد الكتابي هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت للمؤلف.

3- ما هيَ علاقة الخمير بملكوت السموات (لو 13: 20، 21)..؟ هناك عدة أوجه بين الخمير وملكوت السموات، نذكر منها:

أ– كما أن الخميرة تعمل وتنتشر في العجين كله فتخمره، هكذا ملكوت السموات يبدأ بأشخاص تتغير حياتهم، فيصبحون كالمغناطيس يجتذبون من حولهم، فتعمل الخيرة عمل الجمرة المشتعلة التي ألقيت في موقد به قطع فحم مُطفأة، فتشتعل قطع الفحم المُحيطة بها، والفحم المشتعل بدوره يشعل ما يحيط به من فحم، وتنتشر النيران في الموقد كله، وهكذا ملكوت السموات.

ب– كما أن الخميرة تعمل في صمت بلا شوشرة بعيدًا عن الأنظار، ولكن تظل لها فاعليتها التي لا ينكرها أحد، وهكذا الإيمان المسيحي كان ينتشر في هدوء وسلام.

جـ- تعمل الخميرة ويظهر عملها عندما توضع في العجين، وهكذا ملكوت اللَّه ينتشر بين الأشخاص، ولو ظلت الخميرة وحدها، ما كان يظهر تأثيرها.

د– كما أن قوة التغيير في العجين تأتي له من الخارج، من الخميرة، هكذا العالم لن يتغير إلاَّ بالكرازة بالملكوت.

أما عن التساؤل: كيف شبه السيد المسيح ملكوت السموات بالخميرة التي ترمز للشر (لا 2: 11)؟ فقد سبق الإجابة عليه، فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد - عهد جديد جـ 4 س347).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(307) ترجمة دكتور نصحي عبد الشهيد - تفسير إنجيل لوقا، ص466-468.

(308) التفسير الكامل للكتاب المقدَّس جـ 1 العهد الجديد - الأناجيل الأربعة، ص480.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/600.html

تقصير الرابط:
tak.la/wy6p5s3